المؤتمر العام التاسع لمنظمة المرأة العربية (النساء والفتيات في المنطقة العربية .. تحديات متقاطعة وآفاق واعدة) - الجلسة الثانية

الجلسة الثانية:
عقدت الجلسة الثانية برئاسة معالي وزيرة المرأة والطفولة وكبار السن في الجمهورية التونسية، الدكتورة آمال موسى بلحاح، وتناولت محور العنف والتحرش في أماكن العمل.

افتتحت الجلسة بعرض الدكتورة ديما كرادشة لدراسة الأردن، وقالت إن الدراسة وجود ثغرات في السياسة التي اعتمدتها الدولة لمواجهة العنف ضد النساء، يتعلق بعضها بمدى تطبيق القوانين ذات الصلة وبعضها الآخر بعدم معالجة نقص وعي المجتمع بهذه الآفة والثقافة المجتمعية الدونية تجاه المرأة خصوصاً تلك التي تتعرض للعنف والتحرش. إن سن القوانين للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة لا يكفي حتى ولو كانت تغطي جميع مظاهر العنف وأشكاله، إذ أن تحقيق الهدف المرجو يرتبط بتطبيق تلك النصوص. من جهة أخرى، المرأة المعتدى عليها في مكان العمل قد يثنيها عن اللجوء إلى القانون أكثر من سبب، مثل الخوف من إقصائها عن العمل، أو خشية التعرض للنظرة المجتمعية الدونية للمرأة المعتدى عليها، وإسناد سبب الاعتداء إلى أفعالها. إن سن القوانين وحده لن يزيل العنف ضد النساء، إذ أن الأمر يحتاج إلى تكاتف جهود جميع الجهات من حكومية ومؤسسات مجتمع مدني وعمالية، وبشكل يؤدي إلى تغيير البنى الثقافية، وفرض عقوبات مجتمعية قد تكون رادعة في بعض الحالات أكثر من العقوبات الجزائية، إضافة إلى إعادة الثقة بمؤسسات الدولة حتى يكون اللجوء إلى القانون الوسيلة الآمنة والأكثر فعالية لمواجهة الاعتداء.


 بالنسبة إلى السودان، قالت معالي الوزيرة  سعاد الطيب حسن إن وتوصلت الدراسة إلى  النتائج  التالية:  

  • تعريف التحرش الجنسي بأنه التعرض لشخص بكلمات أو سلوكيات ذات دلالة جنسية دون موافقته/ها، والتي إما تقوض كرامته بسبب طبيعتها المهينة، أو تخلق موقفا مخيفا وعدائيا ضده.
  • الفئتان الأكثر عرضة للعنف والتحرش هما عموماً الأطفال  والنساء.
  • التعامل مع الناجي/ة من التحرش يتسم بالبرود ولا وجود لتضامن فعلي معهم.
  • لا يوجد مساواة بين الرجل والمرأة في ردود الفعل عند حصول التحرش.
  • 50% من المستطلعين قالوا إن اللوم يقع على المرأة عند تعرضها للتحرش المرأة بسبب  تصرفها أو لبسها و50% رفضوا ذلك.
  • بالنسبة إلى القوانين المرعية والسياسات ذات الصلة: اعتبر المستطلعون أن التشريعات  وقوانين  العمل والخدمة المدنية تنص على إجراءات لحماية المرأة والطفل من العنف والتحرش، كما اعتبروا أن السودان يطبق الاتفاقية الدولية رقم  (190) لعام 2019.

وعن سلطنة عمان، أشار الدكتور راشد بن حمد البلوشي إلى أن التقرير الوطني خلص إلى أن جرائم العنف والتحرش الجنسي في مكان العمل لم تحظَ بمعالجة كافية في التشريع العماني، إذ أن المشرع لم يُدرج نصوصاً خاصة بها، لا من حيث تعريفها، ولا من حيث أشكالها أو عقوباتها أو آليات الحماية الجزائية التي تسهم في الوقاية منها ومعالجتها. إضافة إلى ضرورة مرجعة التشريعات القائمة والنص على تشريعات جديدة  لسد هذه الثغرة القانونية، وتوصل التقرير أيضاً إلى ضرورة أن تنص التشريعات على إجراءات لحماية الضحايا الناجين/ الناجيات من جميع أشكال العنف و التحرش الجنسي. إن وجود آليات قانونية سوف يوفر للمبلغين و للناجين من العنف او التحرش الجنسي في العمل متطلبات الحماية من الملاحقة.


بالنسبة إلى فلسطين، قالت الأستاذة فداء البرغوثي، إن الدراسة أظهرت عدم وجود قوانين مرتبطة بآفة التحرش على مستوى التعريفات كما العقوبات، ما يضعنا أمام ضرورة سد هذه الثغرة القانونية. اشترط مشـروع قانـون العقوبـات لسـنة 2011 في تعريف التحرش تكــرار الأفعــال، أو الأقــوال، أو الإشـارات التي مـن شـأنها أن تنـال مـن الكرامة أو تخـدش الحيـاء، ويتنافى ذلك مع اتفاقية القضاء على العنف والتحرش في العمل رقم 190 الصادرة عن منظمة العمل الدولية عام 2019، والتي أسقطت في تعريفها شرط الإمعان والتكرار واعتبرت مجرد وقوعه مرة واحدة هو جريمة يعاقب عليها القانون. ولم يعترف القانون بأن التحرش الجنسي شكل من أشكال العنف الجنسي على الرغم من المعايير الدولية التي تتعاطى معه كجريمة يجب معاقبة مرتكبيها. ولم تؤكد القوانين على حماية النساء اللواتي تعرضن للتحرش في مواقع العمل بدلالة خلو القوانين مـن نصـوص تعاقـب علـى "التحـرش الجنسي" عموماً وفــي أماكــن العمــل علــى وجــه الخصــوص. وأوصت الدراسة إلى ضرورة العمل على موائمة التشريعات المحلية بالدولية واستحداث نصوص تشريعية في المنظومة القانونية مرتبطة بالتحرش الجنسي في مواقع العمل تعرّف به صراحة وتجرمه بما ينسجم مع معايير الشرعة الدولية.


عن لبنان، قالت القاضية نازك الخطيب إن الدراسة المعمقة لأحكام القانون ولما تعانيه النساء والفتيات على أرض الواقع من تمييز في مجال العمل أظهر العديد من الثغرات في النصوص وفي الإجراءات العملية التي من الممكن أن تتخذها الأطراف المعنية من أجل ضمان حماية أكبر للضحايا ودعمهن على جميع الأصعدة.
على صعيد التشريع، فإن السلطة التشريعية في لبنان مدعوة الى التصديق على إتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل لعام 2019، والى تعديل القانون رقم 205/2020 بما يتلاءم مع المعايير الدولية المرعية الإجراء، والى تعديل أحكام قانون العمل لمنع التحرش الجنسي بصورة واضحة وصريحة في جميع أماكن العمل وتحديد موجبات أصحاب العمل لهذه الناحية.


على صعيد الوقاية، فإن الدولة بحاجة الى إعتماد إستراتيجية وطنية للوقاية من التحرش الجنسي يشترك في إنفاذها مؤسسات ووزارات رسمية، وأصحاب العمل، والنقابات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل زيادة الوعي والوقاية من وقوع مثل هذه الممارسات غير المشروعة والتي تشكل تمييزاً ضد النساء في أماكن العمل.
على صعيد الخدمات المقدمة الى النساء ضحايا التحرش الجنسي، فإن الدولة تفتقد الى مؤسسات أو مراكز رسمية يمكن للضحايا اللجوء إليها من أجل الإستفادة من الخدمات الطبية- الجسدية والنفسية- والخدمات القانونية والإجتماعية لإعادة تأهيلهن.

بالنسبة إلى المغرب أكدت الأستاذة جميلة لعماري، أن المغرب  انخرط مبكراً وذلك منذ تسعينيات القرن الماضي في مكافحة ظاهرة العنف ضد المرأة، وذلك عبر إنشاء أول مركز للاستماع لفائدة النساء ضحايا العنف بالدار البيضاء سنة 1995، حيث شكل أول لبنة في مجال مناهضة العنف ضد النساء بالمغرب، كما أسهم في تكوين مناخ ملائم لمقاربة تشاركية بين مختلف الفاعلين المهتمين في هذا المجال. وبعد مخاض طويل أصدر المغرب قانون 103.13 وكانت مهمته  تنظيم عمل خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف وغيرها من الضوابط القانونية التي تهدف إلى حماية النساء ضحايا العنف والتحرش الجنسي بالمغرب.


عن موريتانيا قالت الدكتورة هند أشبيه أبوه، إنه على الرغم من أن موريتانيا صادقت على العديد من الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق المرأة، وعلى الرغم من وضع الجهات المعنية سياسات وبرامج لمعالجة تأخر المرأة عن الركب وتثقيفها وتعزيز حمايتها القانونية، وعلى الرغم من إنشائها لآليات عدة تهدف إلى تأمين سلامتها، لم تصدر موريتانيا حتى الآن أي قوانين ضد العنف والتحرش في أماكن العمل.    


عن اليمن، قالت الدكتورة روزا جعفر محمد سعيد الخامري، إنه بعد مرور ثماني سنوات على اندلاع الحرب في اليمن، وفي ظل ما استتبعته من ضعف في مؤسسات الدولة وتفكك البنيات الاجتماعية وأزمات اقتصادية ومالية ونقدية متزايدة دفعت النساء اليمنيات إلى دخول سوق العمل للمساعدة في إعالة أسرهن، شهدت البلاد تصاعداً في معدلات العنف ضد المرأة وتعرضها للتحرش في مكان العمل وظهرت أنماطاً جديدة من هاتين الآفتين كالنزوح والاختفاء القسري والعنف ضد السياسيات والصحفيات والحقوقيات والمدافعات عن الحريات، والقتل العشوائي والتعذيب والعنف الجنسي، حتى بات العنف الممنهج ضد النساء يستخدم كأسلوب من أساليب الحرب. كل ذلك يجري في مجتمع محافظ تسوده ثقافة العيب التي تحول دون الإبلاغ عن حالات العنف والتحرش، وقوانين تميز ضد المرأة وغياب التشريعات الخاصة بحمايتها وتقاعس السلطات المعنية في بلد احتلت المرتبة الأخيرة في مؤشر الفجوة بين الجنسين. يضعنا هذ الواقع أمام ضرورة تطبيق الاتفاقيات الدولية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واعتماد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 بشأن المرأة والأمن والسلام، والعمل على اعتماد وتطبيق القرارات اللاحقة ومنها القرار 1820 لعام والذي يعد القرار المعني  للتصدي للعنف الجنسي في حالات النزاع والقرارات الأخرى ذات الصلة.

ختمت الجلسة الدكتورة جلنار واكيم بعرض الدراسة الإقليمية وقالت إنها تتناول قوانين العنف والتحرش في مكان العمل في الدول العربية استنادا إلى تقارير وطنية من كل من الأردن والسودان وسلطنة عمان وفلسطين ولبنان والمغرب وموريتانيا واليمن تمّ اعدادها من قبل خبيرات وخبراء وطنيات ووطنيين في الدول الأعضاء بمنظّمة المرأة العربية. وقامت الدراسة بتحليل وضع المرأة العربية عامّة وخصوصاً فيما يتعلق المرجعيات والقوانين الدولية الخاصة بقوانين العمل للنساء، والفجوات القائمة على النّوع الاجتماعي في قوانين العمل، وذلك سعيا لتقديم مقترحات وتوصيات ترفع إلى مُشرّعي القوانين لمواجهة التحدّيات التي تعوّق المشاركة الاقتصادية الكاملة للمرأة في سوق العمل.