انطلاق ورشة العمل الإقليمية حول "حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في اقتصاد الرعاية في المنطقة العربية" ببيروت اليوم

30/09/2025

 شهد صباح اليوم الموافق 7 أكتوبر/تشرين أول2025 افتتاح فعاليات ورشة العمل الإقليمية حول: "حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في اقتصاد الرعاية في المنطقة العربية" والتي تعقد بالتعاون فيما بين منظمة المرأة العربية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على مدار ثلاثة أيام في العاصمة اللبنانية بيروت.

بدأت الفعاليات بالنشيد الوطني اللبناني، تلاه نشيد المرأة العربية، ثم توالت الكلمات الافتتاحية.
في مستهل كلمتها الافتتاحية، نقلت سعادة المحامية/ نتالي زعرور أمينة سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية عضوة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية، للحضور تحيات فخامة السيدة نعمت عون اللبنانية الأولى ورئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وصادق تمنياتها بنجاح أعمال الورشة وأن تشكّل منبراً لتبادل الخبرات وأداةً لتعزيز التعاون العربي في مجالات الرعاية والتنمية الاجتماعية، بما يعود بالنفع على المرأة العربية والمجتمع بأسره. كما وجهت الشكر والتقدير للأستاذة الدكتورة/ فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، مؤكدة أن المنظمة شريكاً استراتيجياً للهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وتجمعهما رؤية مشتركة قوامها تمكين النساء وتعزيز العدالة الاجتماعية ، وثمنت سنوات التعاون المثمر بين الهيئة والمنظمة في تنظيم ورش عمل ولقاءات عديدة هدفت جميعها إلى الارتقاء بقضايا المرأة وتعزيز حضورها في مختلف القطاعات.
 وقالت سعادتها إن اقتصاد الرعاية يُشكّل أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والعمل اللائق، كما يُسهم بشكل مباشر في تعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء. مشيرة إلى أن إعلان "مئوية منظمة العمل الدولية من أجل مستقبل العمل" لعام 2019 قد أقر بأهمية الاستثمار في اقتصاد الرعاية كوسيلة لتحقيق المساواة بين الجنسين في العمل.
ولفتت إلى أنه، ومع أن اقتصاد الرعاية في لبنان، كما في غيره من بلدان المنطقة، قد تأثر بالأزمات الاقتصادية والصحية والأمنية المتتالية، فإن دوره محوري في مسار التعافي الوطني، وفي إعادة بناء منظومة اجتماعية أكثر توازناً وإنصافاً، مؤكدة على ضرورة التوقف عند حقوق واحتياجات كبار وكبيرات السن، وذوي وذوات الإعاقة، وإدماج احتياجاتهم ضمن السياسات والبرامج العامة لتحسين نوعية حياتهم وتعزيز مشاركتهم في المجتمع.
وذكرت سيادتها أن الاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان وخطة عمل الهيئة الوطنية للسنوات الثلاث المقبلة تتضمن محاور خاصة تُعنى بالرعاية وإدماج كبار السن وذوي الإعاقة، تعزيزاً لنهج المساواة والشمول الاجتماعي، كما أبرزت قيام فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في أبريل 2025 بالتوقيع على وثيقة إبرام الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها، في خطوة تؤكد التزام لبنان الراسخ بتعزيز وحماية حقوق هذه الفئة.
وأضافت أن وزارة الشؤون الاجتماعية أطلقت خطة العمل التنفيذية للاستراتيجية الوطنية لكبار السن ، وتعمل حالياً على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة في مسار وطني متكامل يعزّز الرعاية والحماية الاجتماعية.
 
وفي الكلمة الافتتاحية للأستاذ/ رودريغو مونتيرو كانو، ممثل المكتب الإقليمي في الدول العربية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، أكد سيادته أن الهدف من الورشة هو تعزيز الجهود الرامية للاستجابة لاحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، مع التركيز بوجه خاص على النساء والفتيات داخل هاتين الفئتين. 
وأوضح أن الورشة تأتي ضمن إطار العمل الذي تأسس في المؤتمر رفيع المستوى الذي عقد بالعاصمة الأردنية عمَّان في فبراير/شباط 2025، وشارك فيه أكثر من 80 شخصًا من المسؤولين رفيعي المستوي ومتخذي القرار في الدول العربية بهدف وضع خارطة طريق إقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية، مضيفًا أن الورشة الأولى في هذا السياق قد عقدت ببيروت في ابريل/نيسان وتناولت موضوع الحضانات.
ولفت أنه وفقا للاحصاءات العالمية تقضي النساء عادة ساعات أكبر بكثير من الرجل في أعمال الرعاية، وأن هذه الأعمال في الأغلب غير مدفوعة الأجر. وأكد سيادته أن درجة تقدم أي مجتمع لا تقاس بالغنى أو القوة وإنما بالطريقة التي يعامل بها ذوي الإعاقة وكبار السن وإلى أي مدى يتم مراعاة معايير العدالة والحقوق، وإلى أن مدى يستطيع المجتمع أن يوفر لهؤلاء الأشخاص العيش بكرامة واحترام، بما يمكنهم من أن يكونوا مستقلين ومندمجين في المجتمع. 
وأضاف سيادته أنه مع حلول عام 2050، سيكون هناك  أكثر من 100 مليون شخص مسن في العالم، أي 15% من سكان العالم ككل سيكونون من المسنين، لهذا السبب فإن البلدان والمجتمعات يجب أن تستعد للاستجابة لتوفير احتياجاتهم بما يشمل الخدمات الصحية وتوفير المأوى وغيرها.
كما أكد على ضرورة مواجهة التحديات التي تواجه النساء المسنات وذوات الإعاقة بصفة خاصة لأنهن فئة تحاصرها العديد من المشاكل والحواجز الاجتماعية والجسدية والاقتصادية فضلا عن الصور النمطية التي تقلل منهن وتهمشهن اجتماعيا، مشددًا على أهمية العمل على دعمهن وتخفيف العبء عنهم.
 
وفي الكلمة الافتتاحية للأستاذ/ ماتياس فاغنر، مدير مكتب لبنان، GIZ، ثمن الورشة باعتبارها جهدا جماعيًا لإعادة التفكير في اقتصاد الرعاية — ليس باعتباره عبئًا، بل استثمارًا في مجتمعاتنا. وأشار سيادته إلى أن النساء هن العمود الفقري غير المرئي لأنظمة الرعاية.
ولفت إلى أنه، ووفقًا لتقييم الاحتياجات متعدد القطاعات لعام 2023 الصادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، فإن حوالي 53٪ من الأسر اللبنانية لديها فرد يحتاج إلى رعاية — أحد كبار السن، وحوالي 27٪ من الأسر تضم فردًا واحدًا على الأقل من ذوي الإعاقة، و34٪ منها لديها طفل واحد على الأقل، مما يعني أنها تحتاج إلى رعاية. ومع ذلك، فإن معظم الأسر لا تتلقى أي دعم، وتقوم النساء بأعمال الرعاية بدون أجر وبدون حماية، مؤكدًا أنه على الرغم من أهمية أعمال الرعاية لحماية النسيج الاجتماعي لكنها تنطوي على تكلفة شخصية عالية تتحملها النساء في الأغلب . 
وأضاف أن  GIZ ومن خلال مشروع WoMENA الإقليمي، تعمل منذ عام 2022 مع منظمة المرأة العربية والشركاء الإقليميين والمحليين لتسليط الضوء على هذا الواقع غير المرئي لخدمات الرعاية.
وأشار إلى أن لبنان به أمثلة واعدة لمبادرات تجريبية تمت بدعم من GIZ، من أجل دمج خدمات الرعاية ضمن أنظمة الحماية الاجتماعية المحلية. كما أن توجد داخل دول عمل مشروع WoMENA، أمثلة ناجحة لشراكات بين القطاعين العام والخاص تقوم بخلق وظائف جديدة في قطاع الرعاية .
وشدد سيادته على أن الاستثمار في الرعاية يعني الاستثمار في الإنسان، وفي المساواة، وفي النمو الاقتصادي. مضيفًا أن مهام الرعاية لا تقتصر على الأسر وحدها إنما ترتبط بقدرة الأنظمة العامة على توفير الدعم لمقدمي الرعاية.
وأوضح أنه وبالرغم من أن لبنان لديه قوانين لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (القانون 220/2000 يضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة) فمازالت هناك حاجة لخطوات أبعد على صعيد التعليم وخدمات النقل لتعزيز المشاركة الكاملة والفاعلة لذوي الإعاقة.
ودعا سيادته إلى تعزيز أنظمة الحماية والاستثمار في البُنى التحتية الداعمة لاقتصاد الرعاية وإعادة الاعتبار لمهمة الرعاية نفسها باعتبارها على رأس المهام المجتمعية.
وفي ختام كلمته أكد مجددًا التزام GIZ بالأجندة المشتركة لتمكين النساء، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وجعل اقتصاد الرعاية ركيزة حقيقية للمساواة والصمود في المنطقة العربية.
 
وفي كلمتها وجهت الأستاذة الدكتورة/ فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية كل الشكر والتقدير للجهات الشريكة والمتعاونة مع المنظمة في عقد ورشة العمل، كما وجهت شكرًا خاصا لفخامة السيدة نعمت عون اللبنانية الأولى وللجمهورية اللبنانية والهيئة الوطنية لشؤون المرأة.
ولفتت إلى أن موضوع الورشة على درجة كبيرة من الأهمية وأن الورشة تعمد إلى مقاربته بطريقة تطرح الإشكاليات الرئيسية على بساط البحث والنقاش، وعلى رأس هذه الإشكالات أن النساء هن من يقع عليهن العبء الأكبر لأعمال الرعاية بوجه عام مما يؤثر سلبًا على قدرتهن على المشاركة الفاعلة في المجال العام وفي سوق العمل، ولفتت إلى أن أعمال الرعاية يُنظر إليها نظرة دونية، وهي في كثير من الأحيان غير مدفوعة الأجر. 
وأكدت سعادتها ضرورة النظر لاقتصاد الرعاية من زاوية تصحيح الاختلال في العلاقة بين الرجل والمرأة في الأسرة، والعمل على تحقيق التوازن وتوزيع الأعباء بشكل عادل، وذلك من خلال إعادة النظر للرعاية بوصفها مهمة رفيعة ومعتبرة وغير دونية، وبوصفها خدمات لها قيمة اقتصادية سواء مدفوعة الأجر أو غير مدفوعة. وحذرت من أن صب التركيز فقط على توفير خيار (العمل  من المنزل) للنساء كآلية داعمة لهن، فيه تكريس للاختلال داخل الأسرة ولوضع عدم المساواة بين الجنسين بوجه عام، فيما أن الأهم هو التركيز على بناء الأسرة على قيم التعاون والشراكة الكاملة.
كما لفتت أنه في تناول قضايا المعوقين وكبار السن، لابد من منظور حساس للاختلافات، حيث تتنوع الإعاقات بين حركية وجسدية فضلا عن التنوع في درجات الإعاقة نفسها، كما تختلف السياقات التي يعيش فيها كبار السن وظروفهم، ومن ثم فالعمل في هذا المجال لابد أن يراعي تلك الاختلافات وأن يستهدف التمكين وتعزيز القدرة على الاستقلالية وتقديم الدعم والخدمات وفقاً لنوع الإعاقة، ودعم إدماج كبار السن في الحياة الاجتماعية وعدم إقصائهم والاستفادة من خبراتهم علي أساس من الاحترام.
وأكدت أن منظمة المرأة العربية في مقاربتها لمختلف القضايا، تركز على ترسيخ المنظور الحقوقي وتأمين فرص المساواة ومحاربة الاقصاء وعينها دائمًا على المرأة بوجه خاص لتخفيف أعبائها وضمان أن يكون لها فرص حقيقية وعلى قدم المساواة في المجتمع.
وأوضحت سعادتها في الأخير أن الورشة تعتبر مجالا لتشاور عربي-عربي مثمر وتسعى الخروج بأجندة عربية تلتقي وتتكامل مع الأجندات الدولية الأخرى .
 
وفي كلمته المسجلة ، أكد الدكتور/ نواف كبارة، رئيس التحالف الدولي للإعاقة على أهمية الورشة في سياق الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية والعالم بشكل عام. واعتبر أن تناول موضوع الاقتصاد الرعائي هو بصيص أمل للكثير من الفئات الاجتماعية التي تتولى تقديم الدعم للأشخاص ذوي الإعاقة  ولكبار السن ولكنها مع ذلك تفتقر إلى الدعم المجتمعي لها في أداء هذه المهمة.
وحذر سيادته من استخدام مصطلح (الاقتصاد الرعائي) ، موضحًا أن الفكر الدولي انتقل من تبني المنظومة  الفكرية القائمة على الرعاية عند التعاطي مع قضية الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن ، إلى المنظومة الفكرية القائمة على الحقوق والإدماج. مضيفًا أن استخدام كلمة (الاقتصاد الرعائي) ربما تعيد إحياء المنظومة الفكرية القديمة. واقترح استخدام مصطلح "الاقتصاد الداعم" بدل من الاقتصاد الرعائي.
ولفت سيادته إلى تأثير السياقات الصعبة التي تعايشها المنطقة العربية على الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، بما في ذلك الحروب والكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات وغيرها، وهي السياقات التي تفرض على تلك الفئات تحديات أكبر في ظل غياب الحماية الكافية .
وشدد سيادته على ضرورة العمل بقوة لضمان أن تتأسس القوانين في العالم العربي على مبدأ الحقوق في التعاطي مع قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن ، ودعا لتوحيد الجهود لترجمة هذا المبدأ في مجتمعاتنا من أجل جعلها مجتمعات حقوقية تحترم المواطنة وتحترم الإنسان في كل حالاته.
 
هذا و يشارك في ورشة العمل خبراء وخبيرات من عدة دول عربية هي: الأردن، وتونس، والسودان، والعراق، وعمان، وفلسطين، ولبنان، وليبيا، ومصر، وموريتانيا، واليمن، كما يشارك ممثلو وممثلات الهيئات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني ذات الاهتمام المشترك بموضوع الورشة.
وتتوزع أعمال الورشة على إحدى عشرة جلسة عمل تتناول أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة وأوضاع المسنين في المنطقة العربية من سائر الجوانب القانونية والاجتماعية والاقتصادية..الخ وتستعرض وجهات النظر وخبرات الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وكذلك خبرات ورؤى المنظمات الدولية والإقليمية . وتسعى الورشة للخروج بتوصيات يتم دمجها في خارطة الطريق الإقليمية للاقتصاد الرعائي.
 
 
 

أخبار متعلقة