منظمة المرأة العربية والمجلس القومي للمرأة والشركاء الدوليون يطلقون بالقاهرة:

ورشة العمل الإقليمية حول "الإجازات مدفوعة الأجر وترتيبات العمل المرن: من أجل تعزيز رفاهية الأسرة والمساواة بين الجنسين"

01/12/2025

انطلقت بالقاهرة صباح اليوم الإثنين الموافق الأول من ديسمبر/كانون الأول 2025 أعمال ورشة العمل الإقليمية: "الإجازات مدفوعة الأجر وترتيبات العمل المرن: من أجل تعزيز رفاهية الأسرة والمساواة بين الجنسين"، والتي تعقد بالشراكة فيما بين منظمة المرأة العربية وكل من المجلس القومي للمرأة (جمهورية مصر العربية) ، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة (في إطار البرنامج الإقليمي Dare to Care  الممول من الوكالة السويدية للتعاون الدولي من أجل التنمية (Sida، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، والوكالة الباسكية للتعاون الدولي والتضامن. 

ألقى كلمات الافتتاح كل الأستاذة الدكتورة/ فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية والدكتورة/ نسرين البغدادي بالنيابة عن المستشارة/ أمل عمار، رئيسة المجلس القومي للمرأة، والسيدة/ جانيكي فان دير غراف، نائبة المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، والسفير/ داغ يولين، سفير السويد لدى مصر، والسيدة/ أنيت فانك، رئيسة مشروع "المرأة والشرق الأوسط وشمال أفريقيا" (WoMENA)، الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) .
 
وفي كلمتها، رحبت الأستاذة الدكتورة/ فاديا كيوان بسائر المشاركين وشكرت الشركاء كافة موجهة تحية خاصة للمجلس القومي للمرأة، ورئيسته معالي المستشارة أمل عمار، والذي ينضم لأول مرة للشركاء الرئيسيين للمنظمة في عقد هذه الورشة التي وصفتها سيادتها بأنها المحطة الرابعة في مسار اهتمام المنظمة بموضوع اقتصاد الرعاية.
وأوضحت سيادتها أن أهمية موضوع اقتصاد الرعاية تنطلق من كشف الغبن الذي يطال المرأة بسبب اضطلاعها بعبء خدمات الرعاية غير مدفوعة الأجر داخل الأسرة، والتي لا يجري تقديرها بشكل عادل إضافة إلى كونها تشكل عائقًا يحد من مشاركة النساء في سوق العمل. ولفتت سعادتها إلى أن نسبة النساء العاملات في العالم العربي تراوح حول 20% فقط، وتعتبر الأدنى عالميًا، رغم التطور الكبير في معدلات تعليم المرأة في المنطقة. وأكدت أن تخفيف أعباء الرعاية من شأنه أن يعزز إنتاجية المرأة، ويدعم الدخل القومي والأسري، ومن شأنه أيضًا خلق فرص عمل جيدة للرجال والنساء في مجالات الرعاية (مثل الحضانات، ومقدمي خدمات الرعاية لكبار السن، ولذوي الإعاقة).
وكشفت الدكتورة كيوان أن المحطات السابقة للورشة الحالية ضمت ورشة عمل إقليمية للشباب عقدت في سلطنة عمان في يونيو 2023 حول "دور الشباب بالمنطقة العربية في تعزيز مشاركة الرجال والفتيان في الأعمال المنزلية والرعائية"، والمحطة الثانية كانت لقاءً رفيع المستوى عقد في الأردن في فبراير 2025 حول تأسيس فكرة وضع "خارطة طريق لاقتصاد الرعاية"، ثم ناقشت ورشتان إقليميتان -عقدتا في لبنان في ابريل وأكتوبر- موضوع الحضانات وتأثيرها على فرص العمل للمرأة، من ناحية وموضوع خدمات الرعاية لكبار السن وذوي الإعاقة، من ناحية أخرى.
وأوضحت أن الورشة الحالية تستكمل النقاش بالتركيز على الإجازات المدفوعة وترتيبات العمل المرنة، وأن مخرجات هذه الورش جميعا سيتم جمعها في خطة استراتيجية تُعرض على صانعي القرار في الدول العربية للاسترشاد بها عند صياغة السياسات العامة حول اقتصاد الرعاية.
 
أكدت معالي المستشارة/ أمل عمار، رئيسة المجلس القومي للمرأة بمصر، في كلمتها الافتتاحية التي ألقتها نيابة عنها الدكتورة/ نسرين البغدادي نائبة رئيسة المجلس، أن موضوع الإجازات مدفوعة الأجر وترتيبات العمل المرنة ليست مجرد قضية اجتماعية أو مطلب لمجموعة بعينها، بل هو ملف تنموي محوري يرتبط بشكل مباشر بقدرة مجتمعاتنا على تحقيق النمو الاقتصادي العادل والمستدام. 
مضيفة أن التجارب الدولية أثبتت أن الاستثمار في اقتصاد الرعاية – بفروعه المختلفة من حضانات الأطفال، ورعاية كبار السن، وسياسات الإجازات، وترتيبات العمل المرنة – يسهم في زيادة الإنتاجية، وتقليل الفجوة بين الجنسين في سوق العمل، ورفع جودة الحياة داخل الأسرة والمجتمع. 
وعددت معاليها التحديات التي تؤثر على قدرة المرأة على المشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية ومنها غياب نظم إجازات متوازنة، وعدم كفاية ترتيبات العمل المرنة، وارتفاع أعباء الرعاية غير مدفوعة الأجر التي تتحملها المرأة بنسبة تصل في بعض الدول إلى ثلاثة أضعاف الرجل.
ووجهت المستشارة أمل عمار خالص الشكر والتقدير إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية لما يوليه سيادته من اهتمام لملف تمكين المرأة لافتة إلى المادة 11 في الدستور المصري التي تنص على أن "تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً لأحكام الدستور، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل.. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا.."
لفتت سيادتها كذلك إلى "الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030" التي تستهدف توسيع فرص العمل أمام المرأة، وإطلاق "محفز سد الفجوة بين الجنسين" بالتعاون مع وزارة التعاون الدولي، و"الختم المصري للمساواة بين الجنسين" لتشجيع الشركات على تطبيق مبادئ العدالة. فضلا عن التزام الجهات الرقابية في مصر، خاصة هيئة الرقابة المالية، بتطبيق معايير المساواة وتحفيز الشركات على رفع تمثيل النساء في المناصب القيادية.
وأبرزت معاليها التعديلات القانونية التي بادرت بها مصر لدعم حقوق المرأة العاملة، وآخرها قانون العمل الجديد الذي تضمن حماية المرأة العاملة من التمييز، ويضمن لها المساواة بين جميع العاملين، ويحظر فصلها أو إنهاء خدمتها أثناء إجازة الوضع. كما يمنحها إجازة لرعاية الطفل ثلاث مرات، ويخفض ساعات العمل ساعة من الشهر السادس للحمل، ويحظر تشغيلها ساعات عمل إضافية أثناء هذه الفترة.  
كما لفتت إلى قيام وزارة التضامن الاجتماعي بإعلان نتائج الحصر الوطني الشامل لدور الحضانات في جمهورية مصر العربية بهدف وضع خريطة دقيقة عن هذا القطاع الحيوي تعد خط أساس علمي يُبنى عليه مستقبل الطفولة في مصر.
وانتقلت معاليها لبيان الدور المحوري الذي يقوم به المجلس القومي للمرأة في مصر عبر تقديم مقترحات تشريعية تدعم الإجازات الوالدية والعمل المرن، وإجراء بحوث ودراسات حول اقتصاد الرعاية وآثاره على التمكين الاقتصادي للمرأة، وتهيئة بيئة مؤسسية تشجع على الممارسات الداعمة للأسرة داخل القطاعين العام والخاص، وتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لتبادل المعرفة والخبرات الناجحة، ورفع وعي المجتمع بأهمية توزيع أدوار الرعاية داخل الأسرة بشكل عادل، بما يضمن توفير حياة كريمة لكل أفرادها. فضلا عن قيام المجلس بتنفيذ سلسلة من الدراسات والبرامج بالتعاون مع البنك الدولي، حول التمكين الاقتصادي للمرأة وسوق العمل وبحث الإطار التشريعي الداعم لمشاركتها الاقتصادية.  وكذا قيامه بإعداد العديد من أوراق السياسات ضمن مرصد المرأة المصرية، تعزيزًا لنهج السياسات المستندة إلى البيانات الدقيقة والمؤشرات الموضوعية. 
وأخيرًا، أوضحت معاليها أن الورشة تأتي تزامنًا مع فعاليات حملة الـ16 يوم من الأنشطة لمناهضة العنف ضد المرأة، معتبرة أن غياب سياسات الرعاية العادلة قد يشكل في حد ذاته شكلًا من أشكال العنف غير المباشر ضد المرأة، ويؤثر على صحتها النفسية والبدنية، وعلى قدرتها على تحقيق التوازن بين مسؤولياتها الأسرية والمهنية. 
وأكدت في الختام أن تطوير خارطة الطريق الإقليمية لاقتصاد الرعاية ليس مجرد وثيقة فنية، بل التزام مشترك نحو مستقبل أكثر ازدهارًا وعدالة، يضمن للمرأة العربية فرصة متكافئة للنمو والمشاركة والإبداع، ويعزز استقرار الأسرة ورفاهيتها، ويقود إلى مجتمع أكثر تماسكًا وقدرة على مواجهة تحديات العصر.
 
وعبر سعادة السفير داغ يوهلين-دانفلت، سفير مملكة السويد لدى جمهورية مصر العربية عن اعتزاز السويد بدعم التنمية الاقتصادية والازدهار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من خلال سبل عدة من بينها تعزيز اقتصاد الرعاية، ومواجهة الحواجز التي تعيق تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع المجالات العامة والخاصة. 
ولفت إلى إن الدعم المالي الذي تقدمه السويد لبرنامج "Dare to care" التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، هو دليل على التزام راسخ من قبل السويد لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في المنطقة، مؤكدًا أن المساواة تتطلب مساهمة الجميع في المجتمع: رجالًا ونساءً، فتيانًا وفتيات.
وأعرب عن أمله أن تسهم الورشة الإقليمية في إضاءة الطريق نحو تعزيز التدابير التي من شأنها ضمان رفاهية وحقوق الأفراد والأسر، بما يشمل الاعتراف بأعمال الرعاية وإعادة توزيعها بين الرجال والنساء داخل الأسرة، وكذلك بين الأسرة والدولة والقطاع الخاص.
وأكد سعادته أن الإجازات مدفوعة الأجر وترتيبات العمل المرنة ليست رفاهية، بل هي استثمارات أساسية في رفاهية الإنسان والتنمية الاقتصادية للمجتمعات. فعندما يحصل الناس على الوقت والدعم اللازمين لرعاية أسرهم فإنهم يعودون إلى العمل بصحة أفضل وتركيز أعلى وإنتاجية أكبر. أما ترتيبات العمل المرنة، فهي تقلل من الإرهاق، وتعزز الروح المعنوية، وتخلق بيئة يستطيع فيها الأفراد تقديم أفضل ما لديهم. 
وأضاف أن هذه السياسات تؤدي دورًا تحويليًا في مسار تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. فكثيرًا ما يقع عبء الرعاية غير مدفوعة الأجر بشكل غير متناسب على النساء، مما يحد من فرصهن في التعليم والتقدم المهني وتولي المناصب القيادية. في هذا الإطار تُعد الإجازة الوالدية التي تشمل الآباء والأمهات وسيلة لإعادة توزيع مسؤوليات الرعاية وتحدي الصور النمطية لأدوار الرجل والمرأة.
ولفت سعادته إلى أن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بدعم من السويد، أجرت دراسة إقليمية شملت آراء 1,154 من صناع القرار في الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في خمس دول هي الأردن، ولبنان، والمغرب، وفلسطين، وتونس. وخلصت الدراسة إلى أن 62% من صناع القرار يرون أن مشاركة الرجال في رعاية الأطفال يجب أن تكون جزءًا من الأجندات الوطنية العامة. كما أيد 55% من صناع القرار في المؤسسات العامة، و52% من القطاع الخاص، منح إجازة والدية متساوية في المدة لكلا الوالدين.
وفي ختام كلمته، أكد سعادته أن الإجازات مدفوعة الأجر وترتيبات العمل المرنة تتعلق بالكرامة. فهي تؤكد أن الإنسان ليس آلة، وأن الأسرة لها قيمة، وأن المجتمعات تزدهر عندما تتاح الفرصة للجميع لتقديم أفضل ما لديهم. ومن خلال تبني هذه السياسات، نعزز الأسس التي تُبنى عليها مجتمعات مزدهرة وعادلة ومتعاطفة.
 
وجهت السيدة/ يانيكا فان دير غراف-كوكلر، نائبة المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، في كلمتها خالص الشكر لمنظمة المرأة العربية والمجلس القومي للمرأة وجميع الشركاء والداعمين للورشة.
وأوضحت سيادتها أن حكومات الدول العربية جعلت من إدماج المرأة ماليًا أولوية وطنية انطلاقًا من إسهامهن الفاعل في نمو الناتج المحلي الإجمالي وبناء مجتمعات أكثر صمودًا. ومع ذلك، لا تزال المنطقة العربية تسجل أدنى المعدلات على صعيد مشاركة النساء في سوق العمل عالميًا. ولهذا تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة مع الدول الأعضاء العربية والقطاع الخاص وأصحاب المصلحة الآخرين لتعزيز توظيف النساء في ثلاثة قطاعات رئيسية هي: اقتصاد الرعاية، والاقتصاد الأخضر، وقطاعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) إدراكًا لكون تمكين المرأة اقتصاديًا هو مفتاح إطلاق الإمكانات الكاملة للمجتمعات والاقتصادات.
وأشارت سيادتها إلى العمل غير مدفوع الأجر في الرعاية المنزلية يمثل عائقًا كبيرًا أمام انخراط النساء في سوق العمل. حيث تنشغل النساء في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر بما يتراوح بين 17 و34 ساعة أسبوعيًا ، مقارنة بـ1 إلى 5 ساعات فقط للرجال. لافتة إلى أن المشاركة الإيجابية للآباء في تحمل مسؤوليات الرعاية من شأنها أن تمكن النساء والفتيات، وتحسن صحة وتعليم الأطفال، وتقلل من العنف، وتعود بالنفع على رفاهية الرجال أنفسهم. مضيفة أن أكثر من 60% من 8000 رجل شملهم استطلاع أجري في ست دول عربية أعربوا عن رغبتهم في الحصول على إجازة أبوة أطول لقضاء وقت أطول مع أطفالهم.
ولفتت السيدة فان دير غراف أن هناك تقدم ملموس في بعض الدول حيث  شهدت المغرب والأردن ومصر وفلسطين وعُمان وتونس إصلاحات قانونية أدت إلى تمديد أو إقرار إجازات الأبوة. مضيفة إلى أنه ، ومع أن هذه الإصلاحات لا تزال دون المعايير العالمية المثلى—التي تدعو إلى إجازة والدية مدفوعة الأجر بالكامل، ومتساوية في المدة، وغير قابلة للتحويل—فهي خطوات مهمة إلى الأمام. 
دعت كذلك إلى ضرورة العمل على إصلاح الأعراف المجتمعية التي تحمل صورا نمطية عن أدوار الجنسين، والاستثمار في خدمات الرعاية والبنية التحتية لخلق وظائف لائقة في اقتصاد الرعاية. 
وأوضحت أن أعمال الرعاية—سواء للأطفال أو كبار السن—لا تزال في صميم عدم المساواة بين الجنسين. وأن الاختلال التاريخي في توزيع مسؤوليات الرعاية، والعمل غير مدفوع الأجر، أو انخفاض الأجور بسبب مهام الرعاية، جميعها تؤثر سلبا في حياة النساء.  مشيرة إلى أن خبرتها في العمل ضمن ثقافات متعددة؛ في جزر نائية في المحيط الهادئ، وشرق وجنوب إفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وفي دول مزقتها الحروب مثل أفغانستان، تكشف أن اختلال مسؤوليات الرعاية هي قاسم مشترك يؤدي لاستمرار غياب صوت النساء والفتيات وخياراتهن.
 
في كلمتها أشارت الدكتورة/ آنيت فونك رئيسة برنامج WoMENA - الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ، إلى أن مشروع WoMENA يمول من قبل وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، ويُنفَّذ من قبل الوكالة الألمانية بالشراكة مع منظمة المرأة العربية. ويستهدف دعم المساواة في المجالين السياسي والاقتصادي.
وأن المشروع ، على مدار السنوات الماضية، دعم تنفيذ خطط عمل وطنية بالتعاون مع شركاء رئيسيين من مصر، والأردن، ولبنان، والمغرب، وفلسطين، وتونس، لمناقشة واقع العمل غير مدفوع الأجر في مجال الرعاية في المنطقة.
وأوضحت أن الجهود في هذا الإطار شملت العديد من حملات التوعية والمناصرة، وأوراق السياسات، والإجراءات المتعلقة بإجازات الأمومة والأبوة، ومبادرات  لخدمات عالية الجودة لرعاية الأطفال، وأضافت أن هذه الجهود أسفرت عن تمكين فاعلين يعملون من أجل توزيع أكثر عدالة لأعباء الرعاية غير مدفوعة الأجر. وقد ساهمت هذه الجهود في تسليط الضوء على هذا العمل غير المرئي وغير المعترف به في كثير من الأحيان.
وأكدت سيادتها أنه عندما تقع مسؤوليات الرعاية على عاتق النساء، فإن ذلك يحد من فرصهن في الحصول على عمل مدفوع الأجر، ويزيد من تبعيتهن المالية، ويقلل من أمنهن الاقتصادي على المدى الطويل.
وضربت مثلا بحالة لبنان معتبرة أنها تمثل اتجاهًا إقليميًا وعالميًا، حيث تُعد النساء العمود الفقري لأنظمة الرعاية، لافتة إلى نتائج  دراسة بحثية أُجريت في لبنان عام 2024 بدعم من مشروع WoMENA وكشفت أن 55% من مقدمي الرعاية هم من النساء، ومعظمهن لا يتلقين أي دعم خارجي. 
وقالت الدكتورة آنيت إن الإجازات مدفوعة الأجر للأمهات والآباء، وكذلك ترتيبات العمل المرنة، لها فوائد كبيرة، حيث تضمن إجازة الأمومة المدفوعة حصول الأمهات على الوقت الكافي للتعافي من الولادة والتواصل مع أطفالهن حديثي الولادة، مما يؤدي إلى نتائج صحية أفضل للأم والطفل، كما توفر الأمان المالي وتقلل من العبء الاقتصادي على الأسر. ومن خلال تشجيع النساء على البقاء في سوق العمل، تساهم هذه الإجازة في تعزيز المساواة بين الجنسين .
وأضافت أن ترتيبات العمل المرنة لها فوائد كبيرة بالمثل، إذ تتيح للعاملين تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية، مما يقلل من التوتر ويحسن الرفاهية العامة. كما أن توفير خيارات العمل المرن يساعد في جذب المواهب والاحتفاظ بها، وتدعم هذه الترتيبات الرجال والنساء على حد سواء في إدارة مسؤوليات الرعاية الأسرية، مما يعزز المساواة بين الجنسين من خلال تمكين الآباء من لعب دور أكثر فاعلية في رعاية الأطفال.
واستدركت سيادتها موضحة أن هذه السياسات رغم فوائدها تأتي مع تحديات كبيرة يجب إدارتها بعناية.
فقد تكون تكلفة تنفيذ إجازة الأمومة المدفوعة مرتفعة على أصحاب العمل، خاصةً الشركات الصغيرة، التي  تجد صعوبة في تغطية تكاليف الإجازة الطويلة. وهناك أيضًا خطر من أن يُميز أصحاب العمل ضد النساء في سن الإنجاب، باعتبارهن أكثر عرضة لأخذ إجازة أمومة، مما قد يؤثر على قرارات التوظيف والترقية. كما أن إدارة وتنفيذ سياسات إجازة الأمومة المدفوعة قد تكون معقدة وتتطلب موارد وتخطيطًا كبيرًا.
كذلك فإن قصر الإجازة المدفوعة على النساء فقط، ينطوي على تكريس للصورة النمطية التي ترى أن النساء وحدهن القادرات على رعاية الأطفال، وأن دور الآباء يقتصر على الدعم المالي.
أما ترتيبات العمل المرنة، فرغم ترحيب الكثيرين بها، إلا أنها قد تؤدي إلى تقليل التفاعل والتعاون المباشر بين أعضاء الفريق، مما قد يؤثر على العمل الجماعي والتواصل. كما قد يجد المديرون صعوبة في مراقبة وتقييم أداء العاملين الذين يعملون عن بُعد أو وفق جداول غير تقليدية. وقد يواجه العاملون صعوبة في الحفاظ على حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية.
وأشارت إلى أنه وفي ضوء خبرة ألمانيا،  فإن ترتيبات  العمل المرنة قد تؤدي أحيانًا إلى زيادة فجوة الدخل، وتقييد فرص التقدم المهني، وانخفاض جودة الوظائف، وزيادة الضغط الوظيفي، والتوظيف الهامشي.
ويُعد العمل الجزئي، الذي تتولاه النساء في الغالب لتلبية مسؤوليات الرعاية المنزلية، سببًا في انخفاض مساهماتهن في الضمان الاجتماعي، وبالتالي انخفاض المعاشات التقاعدية.
وفي ختام كلمتها دعت سيادتها لأخذ هذه التحديات في الاعتبار، مشيرة
إلى أن التعاون الإقليمي أمر بالغ الأهمية، حيث يُبرز أفضل الممارسات والنماذج من الدول المجاورة التي يمكن تكرارها وتكييفها في السياقات المحلية.
كما ثمنت الجهود الرامية لوضع خارطة طريق إقليمية  لرفع الوعي وتبادل أفضل الممارسات، وتسليط الضوء على النهج المبتكرة على المستويين الإقليمي والعالمي.
 
 
تأتي الورشة التي تستمر على مدار ثلاثة أيام حتى الثالث من ديسمبر/ كانون الأول، في إطار مسعى المنظمة وشركائها نحو تطوير "خارطة الطريق الإقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية".
وتدور مناقشات الورشة بوجه عام حول مراجعة السياسات ذات الصلة باقتصاد الرعاية في الدول العربية وإبراز الممارسات الجيدة وكذا تحديد الفجوات. وإبراز القيمة الاقتصادية والاجتماعية للاستثمار في الإجازات المدفوعة والعمل المرن. وتسليط الضوء على دور المجتمع المدني والمنظمات الدولية والقطاع الخاص في دفع سياسات اقتصاد الرعاية، وتعزيز الحلول المبتكرة لدمج عمل الرعاية غير مدفوع الأجر في أنظمة العمل والحماية الاجتماعية.
 

أخبار متعلقة