بيان من منظمة المرأة العربية بشأن أزمة فيروس كورونا

في ظل جائحة كورونا التي تجتاح العالم في الآونة الراهنة، فإن منظمة المرأة العربية، وإذ تضرع إلى الله لإنقاذ البشرية من هذا الخطر المروع، توجه رسالة دعم ومؤازرة لجميع النساء حول العالم والعالم العربي بصورة خاصة، وتشد على أيديهن في ظل هذه الأزمة التي تزيد من أعبائهن الأسرية والاجتماعية والاقتصادية.
فرغم التطورات الكبيرة التي شهدتها أوضاع النساء عالميًا وعربياً على مدار العقود السابقة، إلا أن المرأة لا زالت تمثل الطرف الأكثر هشاشة مجتمعيا، ومن ثمّ الأقل قدرة على التكيف مع الأوضاع الصعبة المستجدة في زمن الكوارث والأزمات المجتمعية الكبرى.
وتأتي جائحة فيروس كورونا المستجد في هذا الإطار لتلقي بتبعات كبيرة على النساء وتؤثر عليهن بطرق مختلفة.


الآثار الاقتصادية: لا شك أن هذه الأزمة سيكون لها آثارها السلبية العميقة على أوضاع ودخول عدة فئات من النساء:

  • ستؤدي  الأزمة إلى إدخال المزيد من الفقيرات الى سوق العمل غير المنظم نتيجة الصرف من الخدمة الذي يلجأ إليه أرباب العمل- جراء الركود- للنساء أنفسهن في المقام الأول أو لأزواجهن ، وستزيد نسب النساء المعيلات لأسرهن.
  • هناك كذلك  التأثير السلبي الذي ستخلفه الأزمة على النساء رائدات الأعمال الصغيرة، اللائي يكافحن أصلا في بيئة تنافسية صعبة ودون وسائل دعم وتمويل كافية.
  • كما وستتعرض النساء العاملات في السوق غير المنظم مثل البائعات في الشوارع وغيرهن لخطر فقدان عملهن في ظل الإجراءات الاحترازية التي تُتخذ ضد الوباء، بالإضافة إلى تعرضهن للوباء نفسه جراء فقدان وسائل الحماية.

 
الآثار الاجتماعية: لأزمة فيروس كورونا تبعات مجتمعية هائلة على النساء، من ذلك:

  • مضاعفة الأعباء الملقاة على كاهل المرأة داخل الأسرة بصفتها الشخص المحوري والمسئول في العادة عن صحة الأسرة وحمايتها. وبخاصة أن الأسر ملزمة بالحجر المنزلي.
  • تزايد الأدوار المنوطة بالنساء من الأسر المتوسطة ، حيث شملت إلى جانب الدور الحمائي (التنظيف والتعقيم..الخ)، دورا تعليميا مباشرا في ضوء إغلاق المدارس مع عدم تعليق الدراسة فعليا واستمرارها من خلال التعليم عن بعد. وفي هذا السياق تقوم بعض الحكومات والمؤسسات مشكورة بتطبيق نظام عمل مرن يسمح للمرأة بالتكيف مع أعبائها الطارئة والإضافية في الأسرة.
  • تأثيرات جانبية مسكوت عنها كأن تتعرض بعض النساء والفتيات لعنف عائلي متزايد مع بقاء الزوج فترات أطول في المنزل جراء حظر التجول الذي فرضته عدة دول، الأمر الذي يقتضي تفعيل أكبر للأطر القانونية المعنية بحماية النساء من العنف.

 
الجوانب الصحية: التي تقلقنا هي:

  • مدى كفاية الوعي الصحي المقدم للنساء خاصة الفقيرات،
  • مدى كفاية نظم الضمان الاجتماعي والضمان الصحي في توفير الدعم للنساء الفقيرات من ضحايا كورونا.
  • مدى مراعاة أوضاع النساء اللائي يعانين من أمراض مزمنة وخطيرة ، وتعزيز حمايتهن في هذه الظروف الطارئة .

 
النساء في ظل أوضاع اللجوء والنزوح:
وما يضاعف من قلقنا أن فيروس كورونا يحمل مخاطر كبيرة جداً للنساء والأطفال اللاجئات والنازحات في ظل عدم توافر البيئة النظيفة المطلوبة. وهي مسألة ضخمة ولا تستطيع جهة واحدة أو مساعدات فردية التصدي لها. علمًا بأن التراخي فيها ستكون آثاره كارثية على المجتمع الدولي ككل.
في هذا المشهد المثير للقلق، لابد من الإشارة إلى جوانب مشرقة يشكلها حضور المرأة في الأسرة وفي المجتمع. فإلى جانب دورها المتعاظم في الأسرة، تظهر النساء في الصفوف الأمامية بين الأطباء والممرضين ومقدمي الخدمات الصحية للمصابين. كما تظهر المرأة كصاحبة مبادرات خيرية عدة تستهدف دعم الأسر المتضررة اقتصاديا من الأزمة.
 
إن منظمة المرأة العربية تجدد التزامها تجاه النساء والفتيات في سائر أرجاء العالم العربي، وتدعو لفتح حوار تفاعلي ومثمر حول هذه المسائل كلها من قبل الجهات المعنية وعلى رأسها الجهات البحثية والأكاديمية، ومنظمات المجتمع المدني المعنية وطنيا وعالميا، والآليات الوطنية المعنية بأوضاع المرأة وغيرها من الأجهزة الحكومية ذات الصلة، ومؤسسات التعاون العربي والدولي، بهدف إيلاء النساء والفتيات المزيد من الاهتمام لتعزيز صمودهن في زمن الكوارث، ومن خلالهن، تعزيز صمود المجتمع بأسره.
إن ما نفتقده أمام هذا الوباء الزاحف، هو القدرة على الاستجابة السريعة من جانب الآليات المؤسسية وهو أمر يجب أن تتم معالجته عبر سياسات عامة بعيدة المدى وبعيدة النظر، تستبق الكوارث وسائر المخاطر والتحديات، فتُعَد الشعوب عبر التوعية والتثقيف والتدريب، وتُعَد التجهيزات وتُعَزز التشريعات لحسن التكيف المجتمعي مع الكوارث ولتخفيف أضرارها على الناس أفرادًا وجماعات.
علينا أن نكثف الجهود لتوفير الخدمات أثناء حدوث هذه الكارثة وعلينا أيضًا أخذ العبرة من أجل مضاعفة عملنا لاحقا لتحصين مجتمعاتنا، وبخاصة النساء والفتيات، عبر برامج مباشرة للتوعية والتدريب لزيادة مناعتهن وصمودهن.
إنها تحية لكنّ جميعا وهي وعد وعهد سنعمل على الوفاء به بالتعاون مع كل الجهات الوطنية والأهلية والأممية ذات الصلة.