بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى وخبراء وخبيرات من الدول العربية:
منظمة المرأة العربية ومنظمة "المساواة الآن" تعقدان ندوة إقليمية حول قوانين الاغتصاب في الدول العربية
09/09/2025
عقدت صباح اليوم الموافق 9 سبتمبر2025 بالقاهرة ندوة إقليمية لمناقشة تقرير "البحث عن العدالة: قوانين الاغتصاب في الدول العربية" الصادر عن منظمة Equality Now .
أقيمت الفعالية بتنظيم مشترك بين منظمة Equality Now ومنظمة المرأة العربية. ويمثل التقرير ، ثمرة بحث قانوني معمق ومشاورات مع خبراء مختصين حول التشريعات الوطنية التي تعالج موضوع الاغتصاب في سائر الدول العربية. ويقدم التقرير تحليلا نقديا لهذه التشريعات ومدى مواءمتها للمعايير الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان.
ألقت الكلمات الافتتاحية كل من الأستاذة الدكتورة/ فاديا كيوان، المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية والدكتورة/ ديما دبوس، الممثلة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا-منظمة Equality Now، ومعالي الأستاذة وفاء بني مصطفى، وزيرة التنمية الاجتماعية ورئيسة اللجنة الوزارية المشتركة لتمكين المرأة بالمملكة الأردنية الهاشمية،
وفي كلمتها رحبت الأستاذة الدكتورة/ فاديا كيوان بالحضور الكريم، وأكدت اعتزاز المنظمة بالمشاركة في تنظيم هذه الفعالية انطلاقا من أهمية موضوع التقرير الذي يعد محاولة علمية جادة لمقاربة التشريعات العربية بصدد جريمة الاغتصاب الذي يعد أحد أهم التهديدات للمرأة والفتاة في كل زمان ومكان وخاصة في زمن الحروب والنزاعات المسلحة وتحت الاحتلال.
وأضافت أن التقرير يقدم صورة عامة مقارنة للوضع التشريعي في الدول العربية ويسلط الضوء على قصص النجاح وعلى مواطن الضعف في آن واحد مما يوفر مدخلًا مهما لتبادل الخبرات حول الموضوع فيما بين الدول العربية.
وأكدت كيوان أن الدول العربية بذلت على مدار العقدين الماضيين جهودًا كبيرة لحماية النساء والفتيات من كافة أشكال العنف ومنه الاغتصاب من جهة إقرار التشريعات والقوانين ذات الصلة.
وشددت على أن القوانين -على أهميتها- ليست الضامن الوحيد لحماية النساء والفتيات من العنف، إنما الأهم هو تطوير السلوكيات والذهنيات نحو احترام المرأة كإنسان، ويتم التغيير السلوكي من خلال جهود جماعية واعية على صعيد التربية والثقافة والإعلام، حيث تبقى الثقافة هي الضامن الأساس لاستدامة الاحترام للنساء والفتيات.
وقالت "نتوخى الوصول إلى واقع تكون دولنا فيه دولا حقوقية وليست دول قانون فقط، وذلك حين يتطور القانون ليصير قانونا إنسانيا خادما للقيم الإنسانية، إننا نحلم ولا تعيش المجتمعات إن لم تحلم".
ولفتت سيادتها إلى تعدد أنواع الاغتصاب الذي تتعرض له النساء داعية لتوجيه الاهتمام كذلك للاغتصاب في العالم الافتراضي حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي للتطاول على أجسام النساء وكرامتهن.
كذلك شددت كيوان على ضرورة توجيه الاهتمام نحو موضوع العنف الممارس ضد النساء والفتيات في سياق الاحتلال والنزاعات المسلحة داعية إلى إفراد جزء خاص لهذا الموضوع المهم.
كما دعت سيادتها لأن تكون للدول العربية مبادرة في هذا الموضوع من خلال اقتراح مشروع قرار عربي يقدم على مستوى الأمم المتحدة (مجلس الأمن أو الجمعية العامة) يتعلق بحماية النساء ضحايا العنف ومنه العنف الجنسي جراء الاحتلال وتبعاته من اعتقال تعسفي وتعذيب ، وجراء النزاعات المسلحة بوجه عام، ومواكبتهن وتوفير الرعاية الجسدية والنفسية لهن.
وختمت بالتأكيد على أن هذه الندوة هي فرصة لنا كمسؤولين حكوميين وممثلين للمجتمع المدني وأكاديميين وباحثين للتباحث حول الموضوع وتحمل مسؤولية مقاربة الواقع الذي يتم تجاهله وما أسمته بـ(الجروح المنسية) بهدوء ورصانة وواقعية ومحبة وصدق وشجاعة
وفي كلمتها ، استعرضت الدكتورة/ ديما دبوس بعض الإحصاءات الصادمة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية حول العنف الجنسي والتي شكلت دافعا للعمل على التقرير، مشيرة إلى أنه عالميا تتعرض ما يقرب من واحدة من كل ثلاث نساء للعنف الجسدي و/أو الجنسي طوال حياتها وتتعرض واحدة من كل ثماني فتيات (أكثر من 370 مليون فتاة عالميا) للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي قبل سن الثامنة عشرة ، كما تعرضت واحدة من كل خمس فتيات ونساء على قيد الحياة اليوم (650) مليونًا للعنف الجنسي في طفولتها. ومن بين الفتيان والرجال، تعرض ما بين 410 و 530 مليونا أو حوالي واحد من كل سبعة للعنف الجنسي في طفولتهم، مؤكدة أن العنف الجنسي لا يوفر أحدا.
وأضافت أن التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة كشف أن العنف الجنسي في المناطق التي تجتاحها النزاعات قد ارتفع بنسبة 25% في العام الماضي وحده. لافتة إلى أن الأمم المتحدة تحذر من أن هذه الأرقام لا تمثل سوى جزء ضئيل من الحجم الحقيقي للأزمة.
وأوضحت أن الأرقام تتفاقم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب القوانين التي لا تعرّف الاغتصاب بشكل كاف والثغرات التي تتيح الإفلات من العقاب للجناة، والمحرمات الاجتماعية والثقافية التي تجبر الناجيات على الصمت بدلا من السعي إلى العدالة.
وحذرت من أن المكاسب التي تحققت للنساء بعد عقود من النضال بدأت تتفكك في كثير من البلدان. وأجساد النساء والفتيات أصبحت أدوات حرب.
وطالبت دبوس بمجتمعات تشعر فيها المرأة بالأمان والحماية في المرتبة الأولى لتتمكن من تحقيق المساواة لاحقا.
وقالت إن التصدي للاغتصاب والعنف الجنسي، في المجالين الخاص والعام، يعد أمرًا بالغ الأهمية. وأضافت أنه رغم أن الحديث عن الاغتصاب والعنف الجنسي بالمطلق صعب، ومؤلم، ومحرج وغالبا ما توصم الضحايا بالعار بالنسبة في جميع أنحاء العالم، فلابد من التحلي بالشجاعة والمسؤولية لتسليط الضوء على هذه القضية، وتمكين المرأة من الشعور بالأمان والإنصاف وضمان المساءلة والوصول إلى العدالة للضحايا.
وفي الختام وجهت الشكر لمنظمة المرأة العربية ولمديرتها الدكتورة فاديا كيوان لتعاونها في حشد الجهود وبدء عملية معالجة هذه القضية بشكل هادف وبناء من خلال دراسة مواطن قصور القوانين، وكشف الكيفية التي تحد من وصول الضحايا للعدالة.
كذلك ألقت معالي الأستاذة/ وفاء بني مصطفى، كلمة رئيسية أشارت فيها إلى إنّ البحث عن العدالة هو عنوان لا يختزل قضية قانونية فحسب، بل يعكس رحلة إنسانية طويلة من أجل حماية الكرامة الإنسانية وضمان حقوق النساء والفتيات، مؤكدّةً أنّ العنف ضد النساء هو قضية عالمية، وما تتعرض له النساء والفتيات في مناطق الحروب والنزاعات من تداعياته يحرمهن من أبسط الحقوق الأساسية، ولا سيّما ما يواجه النساء غزة والضفة الغربية والسودان.
واستعرضت بني مصطفى، الجهود التي بذلها الأردن، والتي تنسجم مع قيم العدالة ومبدأ المساواة، حيث تبنى استراتيجيات وطنية للحماية الاجتماعية وتمكين المرأة، ، لتكون أكثر شمولًا وعدالة، مبينةً أن ما حققه الأردن حتى الآن يعكس إرادة سياسية واضحة والتزامًا راسخًا بالمواثيق الدولية، ويؤكد أن الإصلاح لا يقتصر على الجانب التشريعي فحسب، بل يرّسخ ثقافة العدالة والإنصاف على المدى الطويل، بما يتضمنه من مراجعة للاجراءات وتبني منهجيات إدارة الحالة في التعاطي مع المعنفات.
وأشارت إلى عددٍ من التعديلات الدستورية التي أسهمت في تعزيز المساواة، وتضمنت التأكيد على مكانة الأسرة والمرأة، حيث خصّت كل منهما بفقرة محددة بالدستور، وبما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف، من خلال التأكيد على أهمية الاسرة ككيان لبناء المجتمع، وعلى حقوق المرأة وحمايتها من أشكال العنف والتّمييز.
وتطرقت، إلى التشريعات القانونية التي أُنجزت على صعيد الحماية من العنف، حيث تبنى الأردن قانوناً للحماية من العنف الأسري، يعنى بحماية كافة أفراد الأسرة من العنف، وتم بموجبه تشكيل فريق وطني بهذا الخصوص، بالإضافة إلى قانون الطفل، الذي جاء مبنياً على أساس المصلحة الفضلى للأطفال والطفلات داخل الأسرة، وحظر تعريضهم للعنف وإساءة المعاملة والاستغلال بكافة أشكاله، مشيرةً إلى أنّ الدولة إلتزمت بصورة واضحة فيما يتعلق بتقديم الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
وتناولت أبرز ما تضمنته عدداً من التشريعات القانونية من تدابير، ومن بينها قانون الأحوال الشخصية، وقانون منع الاتجار بالبشر، وقانون معدل لقانون العمل، من شأنها أن تسهم في تعزيز الترابط الأسري والتمكين الاقتصادي للأسرة، بالإضافة إلى عدد من الأنظمة التي أسهمت في تعزيز مكانة المرأة، ومشاركتها الاقتصادية.
وذكرت أن البحث عن العدالة يعني أن نضمن ألا تبقى أي امرأة أو فتاة خارج دائرة الحماية القانونية، وأن يكون القانون مظلة إنصاف لا يترك ثغرات للإفلات من العقاب. كما يعني أن نؤمن بأن الإصلاح لا يقتصر على النصوص، بل يمتد إلى بناء أنظمة مؤسسية أكثر شفافية واستجابة، وإلى تعزيز دور منظمات المجتمع المدني كشريك أصيل في صنع التغيير الإيجابي.
وختمت بالتأكيد على أن الأردن سيواصل جهوده في هذا المسار لتعزيز العدالة والمساواة، وسيبقى شريكًا فاعلًا في الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى تعزيز حقوق النساء والفتيات، مستندًا إلى قناعته الراسخة بأن بناء مجتمعات أكثر عدالة وإنصافًا هو حجر الأساس لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
هذا ويشارك في الندوة ممثلات عن الآليات الوطنية المعنية بالمرأة في الدول العربية وصاحبات وأصحاب اختصاص وخبرة من الأكاديميين والقانونيين والناشطين في منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام ومنظمات إقليمية ودولية ذات صلة.